في وقتٍ تشتعلُ فيه جبهة الجنوب، وسط التصعيد المستمرّ بين الأطراف المتنازعة، يقتربُ موسم الأعياد بحركة خجولة، بعدما شهدَ لبنان موسم صيف رائع، ومفعم بالسيّاح، حيث ارتفعت الإيرادات وانتعش الاقتصاد، مع قدوم المغتربين إلى لبنان، إلّا أنَّ حرب غزة والتطوّرات الأخيرة على الحدود حالت دون استمرار هذا الزخم في القطاع السياحي خلال الشتاء، مع تخوّف المستثمرين والمواطنين من مغتربين ومقيمين من ما ستؤول إليه هذه الأحداث.
وفي السياق، يشيرُ نائب رئيس نقابة المطاعم والملاهي والمقاهي والباتيسري خالد نزهة إلى أنّه "إذا توسّعت الأحداث العسكرية في لبنان فسنكون أمام مشكلة كبرى في قطاع المطاعم، إنما يبقى التعويل على المغتربين الذين لا يتركون لبنان، وإن كان عددهم هذا العام أقلّ من الأعوام الماضية خلال موسم الأعياد".
ويصف نزهة في حديث لمنصة "بلوبيرد لبنان" الحركة في المطاعم بأنها بطيئة في منتصف أيّام الأسبوع، لترتفع وتيرتها بشكل خجول خلال الـ "Weekend"، لافتاً إلى أنَّه "في بعض المناطق البعيدة أضحت الحركة معدومة، وبالرغم من الوضع الصعب الذي يعيشه القطاع، وتراجع الحركة بنسبة كبيرة في بيروت، بعد موسم الصيف الممتاز.، إلّا أنَّ بعض المحال، لا تزال أبوابها مفتوحة على الدوام أمام الزبائن، نظراً لالتزاماتها مع موظفينها".
وإذ يُحذّر نزهة من أنَ قطاع المطاعم سيتكبّد خسائر جديدة وإضافية خلال موسم الأعياد، في حال استمرّ التوتّر الحالي، خاصةً بعد افتتاح سلسلة مطاعم جديدة، وإعادة إنعاش القديمة منها، بعد الإقفالات القسرية في الأعوام السابقة، قائلاً إنَّ "المؤسسات تترقّب التطوّرات في غزة وعلى الحدود، لكن، يمكن تفادي هذه الخسائر إذا توقّفت الحرب قريباً، لذلك لا يزال أمامنا بعض الوقت للتفاؤل".
من جانبه، يشدّد رئيس اتحاد النقابات السياحية ورئيس "المجلس الوطني للسياحة" بيار الأشقر على أنَّ "التحضيرات لموسم الأعياد تأثرت بشكل كبير جرّاء الحرب المستعرة في غزة وتأثيرها على الحدود الجنوبية، إذ لا بهجة للعيد ولا إمكانية للاحتفال في ظلّ مشاهد القتل والدمار، خاصةً وأنَّ الاحتفالات في السابق، كانت صاخبة، إنما اليوم لا مكان لجو العيد".
ويلفت الأشقر في حديث لمنصّة "بلوبيرد لبنان" إلى أنَّ "المغترب اللّبناني متخوّف من السفر إلى لبنان، خشيةً من تطوّر الأمور وإقفال المطار، لكن بعض الوافدين آتون خلال الأعياد، إنما ليس بالأعداد المماثلة للأعوام السابقة"، مشيراً إلى أنّ "التفاوت في الحجوزات بين موسم الصيف والأعياد الحالي قارب الـ95%، حيث أنَّ بعض المؤسسات أقفلت أبوابها خاصةً خارج بيروت، واليوم أغلب المؤسسات تتجه نحو الإقفال الجزئي"، لافتاً إلى أنَّ "القطاع منذ 30 سنة يواجه الصعوبات إلّا أنّه يعود وينهض من جديد، لكن في ظلّ المعطيات الموجودة فإنَّ إعادة النهوض هذه المرّة ستكون على أبواب الصيف المُقبل، وبالتالي، في الوقت الحالي كلّ مؤسسة تتخذّ الإجراءات تفادياً للخسائر الكبيرة".
لا شك في أن أجواء الحرب أثّرت على القطاعات الاقتصادية كافة في البلد، فمن يمتلك اليوم قدرة شرائية مقبولة يفضل استهلاكها على الضروريات والترقب لما سيحصل في الأيام المقبلة. وعليه، فإنَّ لبنان اليوم أحوج ما يكون لموسم أعياد فرِح يعيد رونق الحياة إلى شوارعه، ومؤسساته، خاصةً في ظلّ الوضع الاقتصادي والنفسي الصعب الذي يعيشه المواطن اللّبناني.